Skip to content Skip to footer

انتصار تاريخي للمرأة السعودية

انتهت الانتخابات البلدية بفوز 21 سيدة حسب آخر الإحصاءات الصادرة من اللجنة العليا للانتخابات. وهذا الرقم قد يبدو ضئيلا بالنسبة لبعض الناس في الخارج لكنه عندنا ليس فقط كبيرا بل له أهمية تاريخية لمستقبل هذه البلاد. وعندما أعلنت الدولة مشاركة المرأة السعودية للمرة الأولى في الدورة الثالثة للانتخابات البلدية ناخبة ومرشحة، انطلقت أبواق الجهل والتخلف بأنهن لن يحققن أية مكاسب لأن المجتمع ضدهن، والحمد والشكر لله وحده تبين خطل هؤلاء الأبواق وخطؤهم.
وانتصار المرأة السعودية التاريخي لا ينفي أن هناك الكثير من الرجال عارضوا مشاركتها في الانتخابات بأي صورة من الصور. فهناك الذين نصبوا أنفسهم قادة دينيين للمجتمع استلوا سيوفهم من غمدها وأصدروا البيانات وكتبوا في الصحف معارضين هذه الخطوة ومبشرين النساء بالفشل الذريع. لكن الأمة قالت كلمة أخرى وألقمتهم حجرا إذ صوتت للنساء وقالت لهم لقد خاب أملكم.
وقال الشعب السعودي للمتشدقين بعداوة المرأة كفاية ظلاما وقد آن الأوان لوقف محاولاتكم المستميتة لتسيير حياتنا وفقا لعاداتكم وتقاليدكم البالية ووقف أعمالكم المتخلفة التي جعلتنا أضحوكة في العالم وأحرجتنا أمام الآخرين.
ولكل أعداء المرأة والتقدم أقول لقد طفح الكيل وسئمنا من محاولاتكم التي لا تنتهي في السيطرة على حياتنا الشخصية وتوجيهها حسب مرادكم الذي سيرجع بنا آلاف السنين إلى الوراء. ولا أشك أبدا بأن كل النساء السعوديات يرغبن في أن يعشن حياة طبيعية مثل رصيفاتهن في مختلف أنحاء العالم وهن يردن أن يكن شريكات في مسيرة البناء والتنمية.
والمرأة السعودية، التي اكتسبت قدرا كبيرا من التعليم والمعرفة، تريد أن تسهم على قدم المساواة في صنع القرار في المجتمع الذي هي لبنته الأولى بحكم أنها أم ومربية. ولا تريد المرأة السعودية أن تكون حبيسة الجدران وأن يتحكم في أمرها رجال قد لا يكونون في نصف ذكائهن ومقدراتهن العقلية والثقافية.
لقد وفرت الحكومة التعليم وجعلته متاحا للجميع بحيث أصبحنا نجد المرأة السعودية اليوم منتشرة في كل قطاعات المجتمع ومنتجة وفعالة في مسيرة النماء والتقدم.
إن المرأة السعودية اليوم معلمة، ومصرفية، وإعلامية، وعالمة، وطبيبة، ورسامة، وفنانة، ومصورة بعد أن تخطت كل العقبات في مسيرة تعليمها التي تتواصل على كافة المستويات.
ورغم كوني ناقدا لا أحتمل الانتهاكات والتخطي سواء كانت رسمية أو شخصية، إلا أنني أقول بكل وضوح إن الحكومة قد شجعت عمل المرأة وبذلت الجهود المضنية لرعايتها والأخذ بيدها حتى تكون شريكا حقيقيا في المجتمع، وهي ستواصل هذا المسعى النبيل بإذن الله رغم أبواق الجهل والتخلف، كما أن الحكومة تعي تماما أن الانتقاص من دور المرأة سيعيق تقدم المجتمع وتطوره. ولا شك أن النساء اللاتي ترشحن للانتخابات البلدية قد واجهن كثيرا من المصاعب والمعوقات ليس أقلها البيروقراطية، والروتين، ومنعهن من التواصل المباشر مع الناخبين، ولكنهن وبفضل عزيمتهن وإصرارهن تغلبن على هذه المعوقات بل فزن بكثير من مقاعد المجالس البلدية في عدد من المناطق. ويجب ألا نغمط الرجال حقهم في هذه الناحية فالكثيرون الذين يؤمنون بقضية المرأة قد ساندوها وناصروها وأعطوها أصواتهم.
إن المرأة السعودية صلبة الإرادة وقوية الشكيمة وتريد أن تقود لا أن تقاد مثل البهيمة التي لا عقل لها وهي أيضا تريد أن تلعب دورا إيجابيا في المجتمع لا أن تكون عالة عليه.
وأستغرب قول الكثيرين عندما يتحدثون عن «مكانة المرأة في المجتمع» فلا شيء مثل هذا فالمجتمع للجميع رجالا ونساء على قدم المساواة وهذا البلد لجميع السعوديين بغض النظر عن جنسهم.
والمرأة السعودية التي تعلمت وعملت لن تخدع بسهولة بادعاءات بعض أدعياء الإسلام الذين يقولون إنها أقل مكانة من الرجل فهذا هراء لا أساس له من الصحة.
وتصادف هذه الأيام ذكرى ميلاد النبي الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان نصيرا قويا وداعما كبيرا للمرأة بل إنه قد عمل أجيرا عندها في فترة من فترات حياته.
وأدعو النساء إلى استذكار خطبة الوداع وإلى أحاديثه التي يحض فيها على احترام المرأة ورعايتها والاهتمام بشؤونها.
وختاما أزف التهاني القلبية الصادقة لكل النساء في بلادي العزيزة اللاتي قهرن الظروف وتربعن على مقاعد المجالس البلدية وقبلها مجلس الشوري وأتمنى لهن مزيدا من التقدم والإنجازات.

خالد عبدالرحيم المعينا

Leave a comment