Skip to content Skip to footer

العمالة الأجنبية ليست فيروسا

في زاويته «باتجاه الأبيض» كتب الأستاذ سعد الدوسري مقالا بعنوان «فيروس العمالة الأخطر» في صحيفة «الجزيرة» الأسبوع الماضي أشار فيه إلى ما أسماه طغيان العمالة الأجنبية على مرافق أعمال التجزئة، من بقالات ومحلات بيع بضائع استهلاكية ومباسط وغيرها.
وقال إن هذه الظاهرة تتفاقم يوما بعد يوم لتسيطر على مزيد من الأسواق، وأضاف: الملفت أن هذه العمالة ليست نظامية في أغلب الأحوال.
وتساءل الكاتب قائلا: لماذا لم تؤثر حملات وزارة الداخلية في القضاء على هذه الظاهرة؟واختتم بقوله: المحزن أن تمدد هذا الفيروس على خارطة العمل، يقضي على فرص أبناء وبنات البلد، ويؤثر على اقتصاده، بسبب الأزمات الراهنة.
وبمتابعتي لكثير من المقالات التي تكتب في صحفنا العربية لاحظت أن بعض الكتاب في بعض الأحايين يوردون تعليقات أقل ما توصف به أنها سلبية أو حتى عنصرية عن العمالة الأجنبية في بلادنا.
وكثيرا ما تساءلت بيني وبين نفسي ما إذا كان بعض هؤلاء الكتاب يمر بفترة «انسداد عقلي» ولا يجد موضوعا للكتابة فيلجأ إلى تناول العمالة الأجنبية باعتباره الموضوع الأسهل الذي لا يضر أبدا!!والأجانب في هذه الحال هم الحيطة القصيرة – كما يقال – التي يمكن أن يقفز فوقها كل من أراد، فهم في أغلب الأحيان لا نصير لهم ولا مدافع عن حقوقهم.
ولا شك عندي أن كلمة «فيروس» التي استخدمها الكاتب كلمة مسيئة تحمل إرهاصات عنصرية.
والغريب أن الكاتب لم يطرح في مقاله السؤال المنطقي وهو لماذا لم يسيطر السعوديون على قطاع التجزئة؟ ولماذا تركوا هذا القطاع الهام لقمة سائغة للعمال الأجانب؟أود أن أذكر للأستاذ الدوسري هنا أنني أعرف متجرا بل متاجر عدة أخرى ظلت مغلقة لأن الموظفين السعوديين قد تغيبوا عن العمل!!

وفي أحد المحلات التجارية الكبرى في مدينة جدة غاب ستة من ثمانية موظفي كاونترات في صباح أحد الأيام عن العمل ولعلهم، بأحسن التبريرات، قد ذهبوا للبحر لصيد السمك أو ممارسة السباحة في ذلك الصباح الجميل!!!

أما بالنسبة لتغيب النساء عن العمل فيمكن أن يعزى إلى الذين نصبوا أنفسهم حراسا للدين وللأخلاق الحميدة فهم لا يتورعون عن رفع الصوت والصياح بل والاعتداء اللفظي على النساء.
وبالنسبة لهذه الشريحة من الناس فإن رؤية المرأة على كاشير المبيعات تشبه تماما رؤية الثور للون الأحمر الذي – كما يقال – يثير هياجه ويحرق دمه.
ولمثل هؤلاء الكتاب أقول: رجاء أن تفكروا قليلا قبل سلخ جلود العمالة الأجنبية خاصة في هذا الوقت الدقيق الذي نقوم فيه ببناء التحالفات، والمنشآت النووية، وأنظمة السكك الحديدية والمطارات العملاقة وغيرها من مشروعات تنموية جبارة.
أرجوكم خذوا وقتكم قبل أن تسنوا أقلامكم لمهاجمة هؤلاء الناس.
والمعروف أن الأجنبي لم ينزل على هذه البلاد بالبراشوت لكنه جاء بتأشيرة عمل رسمية، وإذا لم تكن هناك حاجة حقيقية له فلا يجب أن نطلب منه الحضور إلى بلادنا.
ومن هذا المنطلق فلا يجب أن نسيء للعمالة الأجنبية أو أن نمتهن كرامتهم.
لقد جاء العمال الأجانب إلى بلادنا لتحسين ظروف معيشتهم، وليس في ذلك ما يعيب، وأيضا لمساعدتنا في مسيرة البناء والتنمية.
وفي ظل الاقتصاد العالمي المتشابك والهش أصبحت هجرة العمال المهرة وغير المهرة ضرورة ملحة لهم تحت وطأة ظروفهم المالية القاهرة.
ولنتساءل لماذا تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على أوروبا؟ والإجابة بسيطة فمن بين الأسباب الكثيرة الأخرى استطاعت أمريكا أن تستوعب العمال المهاجرين في وظائف يتأفف منها المواطنون.
وحلاقي المفضل في أمريكا هو مواطن فيتنامي بينما التي تقوم بغسل ملابسي هي سيدة من كوريا الجنوبية وكلاهما يعمل بجدية وإخلاص، ويحب العمل الذي يقوم به ويتقنه.
إن المفتاح للنمو الاقتصادي هو خلق الوظائف الجديدة وليس إحلال إنسان مكان آخر.
ومرة أخرى وليست أخيرة أقول لكل العمال الأجانب في بلادنا العزيزة عربا وغير عرب ومسلمين وغير مسلمين ألف شكر على كل ما فعلتموه من أجلنا.
إنني لا أبرئ ساحة كل العمال الأجانب خاصة المقيمين بطرق غير نظامية، لكن يجب ألا نذبحهم يوميا لمجرد أنهم جاؤوا بحثا عن لقمة شريفة في بلادنا، ومن خلال ذلك يسهمون في حركة البناء والتعمير.
والله أسأل أن يحقق أحلام الجميع.

خالد عبدالرحيم المعينا

Leave a comment