Skip to content Skip to footer

نريد أصدقاءً لا أسياداً

اتخذت وسائل الإعلام والفضائيات المرموقة في أمريكا وأوروبا موقفاً متخاذلاً تجاه محنة غزة، واتهمت محطات التلفزة العملاقة مثل (سي.إن.إن – فوكس – وسي سبان) وغيرها، حماس بأنها المسؤولة عن الوضع المزري بهجومها على إسرائيل وتهديد أمنها وسلامها.
ولم يتحرج بعض كبار المذيعين ومقدمي البرامج الأمريكيين من الكذب وقلب الحقائق من أجل معشوقتهم إسرائيل. وتجاهل آخرون الجانب الفلسطيني عن عمد وسوء نية وركزوا أحاديثهم وكاميراتهم على الأنفاق المزعومة والصواريخ التي لم تصب إسرائيل بأي أذى يذكر.
ولم تتجرأ أي وسيلة إعلام أمريكية أو أوروبية أن تذكر أن الأسلحة الفتاكة، والصواريخ البالستية والطائرات المقاتلة التي تقدمها أمريكا بالمجان لإسرائيل هي المسؤولة عن قتل الأطفال الفلسطينيين في منازلهم والمرضى في مستشفياتهم والمصلين في مساجدهم خلال شهر رمضان الكريم.
لم تكن هذه حرباً بين طرفين متكافئين لكنها مذبحة حقيقية روجت لها ورعتها وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية المنحازة.
ومن خلال تغطيتها غير المحايدة، قامت هذه الوسائل الإعلامية بتأجيج نار الحرب من خلال إسقاطها الكامل للفظائع والوحشية الإسرائيلية، ووصل الانحياز الإعلامي لإسرائيل حداً جعل محطات كانت محترمة مثل سي. سبان تفرض الرقابة المشددة وتقوم بحذف العبارات الصادقة حتى من البرامج التي تذاع على الهواء مباشرة. وقد تم استبعاد الخبراء والأكاديميين المؤيدين للحق الفلسطيني تماماً من برامج الحوارات التلفزيونية ومن التعليق على الأحداث الجارية.
وبينما قامت دول أمريكا اللاتينية، التي كانت هي نفسها ضحية للسياسة الخارجية الأمريكية، باستنكار المذابح الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين العزل، صمتت الدول الغربية صمت القبور ولم يفتح الله عليها بكلمة حق واحدة. واتبعت الإدارة الأمريكية والمشرعون الأمريكيون في الكونجرس خطى وسائل الإعلام وطالبوا حماس بكل بجاحه بوقف عدوانها على إسرائيل!!!
ولا أذيع سراً إن قلت إن موقف كندا قد آلمني كثيراً لهذا فإنني أطلب من رجال أعمالنا وقف الاجتماعات مع رجال الأعمال الكنديين تماماً مثل ما فعلت هي مع رجال الأعمال الروس بسبب الموقف من أوكرانيا. وأرجو من رجال الأعمال السعوديين الكرام اتخاذ نفس الموقف وبقوة تجاه رجال الأعمال في أمريكا وأوروبا.
والمضحك المبكي في الموقف الأمريكي المؤيد لإسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين هو أن الرئيس باراك أوباما قد قرر زيادة الدعم الأمريكي المالي لإسرائيل من أجل تقوية برنامجها المعروف باسم (القبة الحديدية) والذي يتصدى للصواريخ الموجهة ضد إسرائيل. واشتمل الدعم الأمريكي أيضاً على القنابل الموجهة بالليزر والصواريخ وغيرها من أسلحة فتاكة لتعويض إسرائيل على ما قد تكون قد استنزفته في حربها على غزة المحاصرة.
وليس هناك من شك في أن الدول الأوروبية وأمريكا لا تنظر للشعب الفلسطيني بأنهم بشر بل حيوانات تجب تصفيتها بلا شفقة أو رحمة أما نحن العرب فبالنسبة لهم ليسوا أكثر من سوق لبضائعهم ومحطات بنزين لتوفير الوقود لسياراتهم.
إننا نسمع كثيراً الأمريكيين وهم يقولون لنا أنتم حلفاؤنا وأصدقاؤنا وشركاؤنا التجاريون لكن هذه كلمات جوفاء أثبت الواقع أنها لا تعني شيئاً. وربما صدق العرب هذا الادعاء من قبل، لكن الآن وبعد الحرب في غزة فإن الشعوب العربية قد أدركت الأمر وتيقنت بأن الأمريكان والأوروبيين ليسوا أصدقاء بالمرة بل هم تجار يستفيدون فقط من مواردنا وأسواقنا المفتوحة.
إن الشعوب العربية تريد من أمريكا وأوروبا الآن أن تتعامل معها على قدم المساواة وأن تعرف أنها لم تعد تنخدع بسهولة بالكلام المعسول والعبارات الرنانة. ومثلما طلبت من رجال أعمالنا وقف اجتماعاتهم مع الأمريكيين والكنديين والأوروبيين، فإنني أطلب من حكومتنا الموقرة وقف زيارة الوفود التجارية من هذه الدول لبلادنا. كما أطلب منها وقف زيارات الصحفيين الذين يدعون أنهم أصدقاؤنا وأنهم سيكتبون بموضوعية عنا. وعلى الغرب أن يعلم أننا فقط نبحث عن السلام والعدالة والحرية وهي المعاني التي لن تتحقق ما دام الفلسطينيون محرومين من حقوقهم المشروعة، ونحن لن ننعم بالسلام أبداً ما دام الغرب يتجاهل حقوقنا الإنسانية ويعمل على تقوية الأنظمة الديكتاتورية فقط لمصالحه الاقتصادية.
وسيدفع الغرب ثمناً باهظاً لأن الحركات الإرهابية ستتولد من جراء استمرار الظلم والاضطهاد والمواقف المعادية. إن على الغرب أن يتعامل معنا بالندية المطلوبة وأن يعلم أننا نريدهم أصدقاء لا أسياد.

خالد عبدالرحيم المعينا

Leave a comment