Skip to content Skip to footer

ملك وحادثة

المأساة الرهيبة التي حدثت في مكة يوم الجمعة الحادي عشر من سبتمبر إثر سقوط رافعة عملاقة أدت إلى وفاة نحو مائة حاج وإصابة نحو 300 آخرين شكلت صدمة حقيقية لمجتمعنا الحريص دائما على سلامة ضيوف الرحمن وأمنهم والذي يعتبر خدمتهم شرفا كبيرا خصه به الله.
ولن أدخل في تفاصيل أسباب الحادث وتداعياته فالتحقيقات ما زالت تجري والنتائج ستعلن على الملأ فلا شيء يمكن إخفاؤه في زمن الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
وقال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إنه سيملك كل الحقائق المتعلقة بهذا الحادث الأليم للشعب وسيحاسب المقصرين.
ولم تمر دقائق على هذه المأساة إلا وتلقيت عددا من المكالمات الهاتفية من عدد من الفضائيات وأجهزة الإعلام العالمية يسألون عن أسباب الحادث ويطلبون تقارير مفصلة عنه.
ولم يكن عندي ما أقوله لهم سوى أن سوء الأحوال الجوية قد يكون السبب الرئيس في سقوط الرافعة، فلم يحدث أن شهدت رياحا بهذه القوة أو أمطارا بهذه الغزارة من قبل في مكة أو جدة.
وفي الحقيقة فقد كان تحرك السلطات المعنية سريعا وحاسما، واستمرت عمليات الإنقاذ طوال الليل لرفع الجثث المشوهة وإسعاف المصابين ونقلهم إلى المستشفيات وعلاج الحالات البسيطة ميدانيا.
وشاركت في عمليات الإنقاذ إلى جانب الدفاع المدني، ورجال الأمن والشرطة أعداد كبيرة من المواطنين والمقيمين من مختلف الجنسيات، فهذا وقت تكاتف الجهود وإظهار اللحمة بين كل المسلمين، كما تدفقت أنهار التعاطف العالمي، فهذا حادث قدري لم يكن مدبرا ولم يحمل أية شبهة جنائية كما أكد تقرير لجنة التحقيق الذي صدر بعد 48 ساعة فقط من وقوع الحادث.
ولم يكتف الملك سلمان بإصدار التوجيهات والتعليمات فقط لكنه قام شخصيا في اليوم التالي مباشرة بزيارة الحرم الشريف، حيث تفقد موقع الحادث وهذا ليس بمستغرب من ملك عرف بالحزم والحسم وسرعة القرار.
وقام الملك المفدى أيضا بزيارة المصابين في المستشفيات في لفتة أبوية حانية لمواساتهم والأخذ بيدهم والرفع من معنوياتهم.
ولم تكن تلك الزيارة الملكية الميمونة عملا من أعمال الدعاية والعلاقات العامة لكنها جاءت تعبيرا صادقا عن اهتمام الملك بضيوف الرحمن والحرص على سلامتهم وأمنهم.
وتحدث الملك سلمان للمصابين من مختلف الجنسيات حديث الإنسان المتعاطف المهموم بما حدث لهم والحريص على علاجهم في أرقى المستشفيات على حساب الدولة.
وقد تأثر المصابون بهذه اللفتة الإنسانية الحانية وقالت حاجة إيرانية مسنة إنها لم تتوقع أن يقوم ملك السعودية شخصيا بزيارتها للتخفيف من مصابها.
ووجه الملك سلمان بمساعدة الجرحى والمصابين لإكمال حجهم كما أمر بصرف مبلغ مليون ريال لكل شهيد ومعاق إعاقة معقدة و500 ألف ريال لكل مصاب مع تأشيرات زيارة خاصة لذويهم.
وقال الديوان الملكي وهو يعلن المكرمة الملكية على العالم إن هذا التعويض لا يحول بين ذوي الشهداء والمصابين والمطالبة بالحق الخاص أمام الجهات القضائية متى ما انتهت التحقيقات وصدرت الأحكام.
وقال الديوان في بيانه عن تقرير لجنة التحقيق إن الملك قد وجه كذلك باستضافة اثنين من ذوي كل شهيد من حجاج الخارج ضمن ضيوف خادم الحرمين الشريفين لحج عام 1437هـ مع تمكين المصابين ممن لم تمكنهم ظروفهم الصحية من استكمال مناسك الحج لهذا العام من معاودة أداء الحج العام المقبل إن شاء الله.
ووجه خادم الحرمين الشريفين بإصدار تأشيرات زيارة خاصة لذوي المصابين الذين يتطلب الأمر بقاءهم في المستشفيات للحضور للسعودية لزيارتهم.
وبالطبع هناك قرارات تتعلق بالشركة المنفذة لأعمال توسعة الحرم والمطاف لكن ليس هذا مجال الخوض فيها، فما أردت أن أسلط الضوء عليه هو إنسانية الملك سلمان وصدق توجهه ونبل قلبه.
إن القرارات السريعة التي أصدرها الملك المفدى بعد خمسة أيام فقط من وقوع الحادث جاءت ردا بليغا على كل من شكك في نوايا المملكة وصدق اهتمامها بضيوف الرحمن.

خالد عبدالرحيم المعينا

Leave a comment