Skip to content Skip to footer

متى تتوقف تجاوزات الهيئة؟

بلادنا، وكما قد لا يعلم الكثيرون، حبلى بالممارسات السيئة، إن لم أقل غير الإنسانية، التي يقوم بها بعض الموظفين العموميين ضد المراجعين من المواطنين والمقيمين.
وكثير من هذه التجاوزات تمر مرور الكرام بدون أن يشعر بها أحد لأن المراجعين لا يثقون بأنهم سينصفون وأن كرامتهم المهدرة ستعاد إليهم إن هم تجرؤوا وتقدموا بالشكوى لدى الجهات المعنية.
وخلال الأيام القليلة الماضية استرعى حدثان انتباه الناس نحو هذه الممارسات المرفوضة وكان بطل الحادثة الأولى موظف جوازات في مطار جدة قام بضرب أحد المسافرين الأجانب لأنه تجرأ وطلب منه إنهاء إجراءات المسافرين بدل التحدث لوقت طويل على الموبايل خاصةً وأن رحلتهم كانت طويلة جداً.
ما كان من الموظف الهمام إلا أن ثأر لكرامته! فكيف يتجرأ مقيم أجنبي أن يطلب منه أداء عمله؟! وقام بضرب ذلك الأجنبي المسكين على مرأى ومسمع من كل المسافرين الذين كانوا ينتظرون دورهم في الطابور.
ولا شك أن سوء معاملة بعض موظفي الجوازات للمسافرين، خاصة الأجانب منهم، قد تناولتها الصحف ووسائل الإعلام كثيراً لكن لا حياة لمن تنادي.
أما الحادثة المؤلمة الثانية فقد حدثت في الرياض يوم الجمعة الماضي حيث قام أحد رجالات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالاعتداء على مقيم بريطاني وزوجته السعودية وأشبعه ضرباً ولطماً لدرجة أنه طاح على الأرض مرتين.
وتدخلت الزوجة السعودية للدفاع عن زوجها فنالت نصيبها من الضرب والركل.
وكان هذا منظراً معيباً ومشيناً تناولته وسائل التواصل الاجتماعي وبثته لكل العالم وقد قرأت تعليقاً لأحد المغردين يقول إن عمل بعض رجالات الهيئة لا يقل قبحاً عن المذابح التي ترتكبها داعش في حق الغلابة والمساكين.
وأنا أعرف الرجل وزوجته السيدة الفاضلة معرفة لصيقة.
وقد تحدثت لهما بعد الحادث للتخفيف عنهما وإظهار الدعم لهما ضد ممارسات المعتدي عليهما التي لا تشبه الإسلام ولا الفضيلة التي يدعي الدفاع عنها.
وفي أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطون قامت هذه السيدة الفاضلة بزيارة عدد من المناطق والتحدث إلى الأمريكيين بمن فيهم أعضاء الكونجرس للدفاع عن السعودية وشعبها المسالم بعد أن تكشف أن معظم منفذي هذه الهجمات كانوا من السعوديين.
وكان جزاء هذه الزوجة المثقفة الركل في بطنها وضرب زوجها مكافأة على العمل الجليل الذي قامت به لصالح وطنها.
وهذه بعض الحوادث التي تم نشرها أما ما خفي فقد كان أعظم.
وأذكر أنه إبان رئاستي لتحرير صحيفة «عرب نيوز» ومن بعدها «سعودي جازيت» أن تلقيت عدداً هائلاً من الرسائل خاصةً من العمال الآسيويين يشكون من سوء المعاملة والظلم الكبير الذي تعرضوا له.
وأذكر أن مواطناً فلبينياً اشتكى لي بأنه كان يلبس سلسلة أهدتها له والدته قبل وفاتها فسحبها أحد رجال الهيئة من رقبته بالقوة وعندما طلب منه إرجاعها لأنها ذكرى عزيزة من أمه الراحلة قام الرجل بصفعه على وجهه.
لقد سئمنا من كثرة الشكاوى من ممارسات بعض رجال الهيئة وأعتقد أن الأوان قد حان لوقف هذه الممارسات غير الإنسانية بدلا من الاكتفاء بتشكيل لجنة تحقيق والتي غالباً ما تنتهي إلى القول إن هذه الممارسات فردية ولا يمكن بموجبها إدانة هذا الجهاز الحكومي الحساس.
والقول بأن هذه ممارسات فردية وأن التحقيق لا يزال مستمراً لا يشفي غليل مظلوم أو يعيد الحق الضائع لأصحابه.
وهذه الممارسات المشينة قد شوهت صورتنا في الخارج ولعل القائمين بأمر الهيئة يقرؤون ما يكتب عنا في الشرق والغرب.
ومن هذا الموقع أناشد المسؤولين عن جوازات المطارات أن يتعاملوا برفق وإنسانية خاصةً مع المقيمين الذين هم ضيوفنا وسفراؤنا في بلدانهم.
كما أناشد القائمين على أمر الهيئة ألا يكتفوا فقط بتشكيل لجان التحقيق في ممارسات بعض رجال الهيئة الخاطئة وأن يلقوا باللوم على الممارسات الفردية.
وأطلب من هؤلاء المسؤولين أن يقوموا بتأهيل وتدريب أعضاء الجهاز على اللباقة والكياسة وحسن التصرف.

خالد عبدالرحيم المعينا

Leave a comment