Skip to content Skip to footer

عودا حميدا يا رمضان

بعد عام كامل، ها هو شهر التوبة والغفران يحل علينا ضيفا عزيزا وغاليا نفرح لمقدمه ونعيش على نفحاته نحو ثلاثين يوما مبتهلين إلى الله العلي القدير أن يتقبل صيامنا وقيامنا وأن يعيننا على طاعته في هذه الأيام الفضيلة.

وبالأسف فإن بعض المعتمرين والزوار يشتكون من سوء تعامل الموظفين المكلفين بخدمتهم. وقد شاهدت، كما شاهد الكثيرون غيري، التعامل الجاف الذي يفتقر إلى أبسط قواعد اللياقة من بعض موظفي الرئاسة العامة تجاه المعتمرين والزوار.

ويتعامل بعض هؤلاء الموظفين مع المعتمرين والزوار بكثير من الغلظة وعدم الاحترام لمشاعرهم الإنسانية، خاصة أن منهم من جاء إلى المملكة من مكان بعيد لأداء العمرة في هذا الشهر الكريم، امتثالا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن عمرة في رمضان تعدل حجة معه.

وبالأسف يتجاهل بعض هؤلاء الموظفين، ولن أقول كلهم أو الكثيرين منهم، قدسية المكان وقدسية شهر الصوم الكريم، ولا يعيرون أدنى اهتمام بالمسافات الطويلة والمشاق الجمة التي يكون بعض الزوار والمعتمرين قد تعرضوا لها في سعيهم للوصول إلى الحرمين الشريفين.

ومن أجل تلافي هذه الأمور السلبية، والممارسات الخاطئة أو التقليل منها قدر الإمكان، يجب على الرئاسة العامة تدريب موظفيها على المهارات السلوكية، وتعليمهم على الأقل لغة أجنبية، وتعريفهم على الثقافات المختلفة لكي يستطيعوا التعامل الإنساني الراقي مع آلاف المعتمرين والزوار الذين يفدون على بلادنا من مختلف دول العالم.

ويبدو، والله أعلم، أن بعض الموظفين المكلفين بخدمة المعتمرين والزوار قد نسوا روحانية هذا الشهر الكريم الذي هو منحة من الله لنا للتوبة والاستغفار والعبادة التي ستقربنا إليه زلفى وتعطينا الفرصة للتطهر من ذنوبنا، وآثامنا، وشرورنا علنا نخرج منه وقد غفرت ذنوبنا وابيضت صحائفنا.

وعلى المعتمرين والزوار أن يلتزموا بالتعليمات التي تمكنهم من أداء شعائرهم بسهولة ويسر وأن يتجنبوا الزحام خاصة حول الحجر الأسود ومقام إبراهيم عليه السلام حرصا على سلامتهم وسلامة الآخرين.

ويجب ألا ينسوا الدعاء الخالص الصادق لله سبحانه وتعالى أن يزيل الغمة عن المسلمين في سوريا والعراق وفلسطين وبورما، وغيرها من البلاد المنكوبة التي تشردت شعوبها بعد أن قاسوا الآلام والأحزان في بلادهم.

وقد لاحظت أن بعض المعتمرين والزوار يحضرون معهم أطفالهم، وهذه سنة حميدة لغرس القيم الإسلامية النبيلة في نفوس هؤلاء الأطفال، غير أنهم يتركونهم يلهون ويلعبون في الحرم، مما يزعج المصلين ويخرجهم عن السكينة المطلوبة في أداء الصلاة. ويجب أن يتذكر هؤلاء الآباء أن الحرم الشريف مكان للعبادة وليس ملعبا لأطفالهم.

ومن المظاهر السالبة الأخرى في رمضان رفع مكبرات الصوت في صلاة التراويح والتهجد في جميع مساجد المملكة، مما قد يزعج السكان المرضى والعجزة وكبار السن والأطفال، ويحرمهم النوم الذي قد يكونون في حاجة ماسة له.

وهذه المكبرات لا تخدم غرضا، حيث إن الآيات التي تتم تلاوتها لا تخرج واضحة، ولن تفيد المستمعين خارج المسجد، ناهيك عن الضوضاء والإزعاج. وبهذه المناسبة فقد حذرت وزارة الشؤون الدينية والدعوة والإرشاد أئمة المساجد من رفع مستوى مكبرات الصوت وقصرها داخل المسجد في غير الأذان والإقامة.

ومن فضل الله علينا أن الإنسان يكون أكثر إنسانية وروحانية في هذا الشهر الكريم ومن هنا أدعو كل إخواني المواطنين بحسن التعامل مع الغرباء والوافدين والعاملين لديهم خاصة العمالة المنزلية، وأن يقدموا لهم الهدايا التي تسعدهم وتدخل السرور في قلوبهم حتى ولو كانت بسيطة مثل بطاقة شحن الموبايل التي تمكنهم من التواصل مع أسرهم في بلادهم البعيدة.

وإذا كنا نشترى الهدايا الغالية لأبنائنا وبناتنا في شهر رمضان، علينا أن نتذكر أن هناك أيتاما حرموا من حنان الآباء والأمهات وأن نتعاطف معهم ونتصدق عليهم حتى لو كان من خلال مس الرأس كما أوصانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.

أهلا بك رمضان فأنت تحل علينا ضيفا كريما وغاليا وتمنحنا الفرصة للتوبة والاستغفار والتقرب إلى الله عله يشملنا برحمته في هذه الأيام السمحة.
إن رمضان، وإن طالت إقامته لبعض الناس، فهو راحل لأنه ضيف خفيف ورشيق وهو يجيء لفائدتنا بالعبادة الصادقة وليس لتعذيبنا بالجوع والعطش والنوم الثقيل.

خالد المعينا

Leave a comment