Skip to content Skip to footer

ضرورة أن يكون لدينا مركز للابتكار الحكومي

افتتح في دبي الشهر الماضي مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي، وهو الأول من نوعه في العالم العربي.
وسيعمل المركز على تطوير منظومة متكاملة من الأدوات الحديثة لمساعدة الجهات الحكومية على الابتكار في مجالات السياسات الحكومية، والخدمات المقدمة للجمهور، والهياكل التنظيمية، والعمليات، والإجراءات بما يعزز من تنافسية الدولة في القطاع الحكومي ويعمل على تحويل الابتكار الحكومي لعمل مؤسسي منظم.
وما أحوجنا لمثل هذا المركز في بلادنا حيث يشتكي المواطنون خاصة رجال الأعمال والمستثمرين من بطء الإجراءات ومن الروتين الحكومي.
وهناك الكثير من التعقيدات التي يرجعها المواطن إلى الأنظمة البالية، والقوانين غير الواضحة، والفساد والإهمال وعدم كفاءة الموظفين العموميين.
وفي الواقع فإن الشكاوى كثيرة من إجراءاتنا الحكومية المعقدة لكن للأسف لا توجد قنوات رسمية لرفع هذه الشكاوى لها.
ولقد أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – يحفظه الله – توجيهاته السامية لكل القطاعات الحكومية بعدم تعطيل الأمور التي تخص المواطن والتعامل معها بأسرع ما يمكن لكن للأسف لم تنفذ هذه التوجيهات الملكية حتى الآن، واستمر الجمهور يواجه العراقيل الحكومية والروتين القاتل. ولم تقتصر التعطيلات البيروقراطية على الإدارات الحكومية لكنها امتدت لتشمل أيضا الوزارات والمحاكم. ولا أحد يريد أن يتحمل المسؤولية وكل يرمي على الآخر وأصبحت المعاملات تنتقل من مكتب إلى آخر دون إنجاز. وتحضرني في هذا الإطار قصة مواطن فقدت صكوك أرضه في المحكمة التي طلبت منه أن يصدر صكوكا غيرها وهي العملية التي قد تستغرقه عاما أو أكثر تتعطل خلالها أعماله وتتعثر مشروعاته. لقد فقدت المحكمة أوراقه وعليه هو، دون غيره، أن يتحمل مسؤولية تعطيل أعماله. وهناك أيضاً قصة الطالب الذي أودع السجن بسبب جنحة صغيرة غير أن أوراقه ظلت تنتقل من قاض إلى آخر.
وهناك مآس كثيرة من هذا النوع بطلاتها السعوديات المتزوجات من أجانب، وأعرف رجلا سعوديا أراد تزويج ابنته لأحد المقيمين وحصل على الإذن الحكومي بالموافقة على هذا الزواج. وبسبب الإجراءات الحكومية المعقدة لم يتم الزواج حتى الآن.
إن الغضب الشعبي على كافة المستويات المجتمعية يتزايد ضد الروتين الحكومي، ولامتصاص هذا الاحتقان، على الحكومة أن تأتي بنظام متطور لتسريع الإجراءات وإيجاد الحلول الناجحة للتحديات التي تواجه الجماهير. وبينما أنجزنا بعض الخطوات الهامة في مجال الحكومة الالكترونية إلا أن الطريق لا يزال طويلا لمعالجة الأنظمة البالية واللوائح القديمة والقوانين غير المفعلة والتي تشكل عقبة كأداء أمام التقدم والتنمية.
ونحن قد نكون الدولة الوحيدة في العالم التي لا تزال تعمل بنظام «المعقب». فإذا أردت إنجاز بعض الأعمال البسيطة في الجوازات أو الجمارك أو أي إدارة حكومية أخرى فلا بد لك أن تعمل هذا عن طريق المعقب وإلا سيستغرقك الأمر شهورا قبل أن تنجز شيئا. إن الوقت قد حان للقضاء على الروتين الحكومي الذي يؤخر تنمية بلادنا ويزيد احتقان المواطنين. ونحن نحتاج إلى موظفين حكوميين يمتازون بالنزاهة، والكفاءة، والتهذيب في معاملة الآخرين. وفي بريطانيا وغيرها من العالم المتحضر، فإن الموظفين الحكوميين يطلق عليهم اسم موظفي الخدمة العامة بمعنى أنهم خدام الجماهير. وللأسف الشديد فإن كثيرا من موظفي الخدمة العامة في بلادنا يعيشون في عصر مختلف أو كأنهم خارج الزمن. وفي غفوتهم هذه فإنهم يجهلون أو يتناسون التغيرات الاجتماعية المتسارعة والتطورات التكنولوجية العملاقة التي تحدث في البلدان الأخرى من حولنا والتي فاقتنا تقريبا في كل شيء. إنني أقول ذلك وليس في رأسي غير مصلحة المملكة وخيرها. إننا نحتاج إلى إعادة النظر بالكامل في كل الإجراءات والأنظمة المعوقة التي تؤخر معاملاتنا الحكومية وإلى حسن الإدارة والعمل بمبدأ المحاسبة.
إننا نحتاج إلى الابتكار الحكومي وإلى إيجاد أدوات متطورة تحسن الخدمات الحكومية وإلا فإننا سنرزح طويلا خلف الأمم المتقدمة.

خالد عبدالرحيم المعينا

Leave a comment