Skip to content Skip to footer

السعودة لا تعني الإحلال

حمل رسم بياني في إحدى الصحف المحلية هذا الأسبوع الحقائق التالية وفقا لأرقام الهيئة العامة للإحصاء
• إصدار 1.9 مليون تأشيرة عمل العام الماضي لاستقدام عمالة من الخارج.
• 1.7 مليون عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص.
• 12.1 % نسبة البطالة في المملكة خلال الربع الثالث من العام الحالي.
• 33 % نسبة البطالة وسط النساء.
• 10.5 ملايين مقيم يعيشون ويعملون في المملكة.
• 700 ألف سعودي عاطلون عن العمل.
• 54 كلية تقدم التعليم الفني والمهني

وتتزامن هذه الأرقام الأخيرة مع دعوة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى وضع استراتيجية متكاملة خلال ثلاثة أشهر لربط مخرجات التعليم والتدريب مع الاحتياجات الفعلية لسوق العمل.
وحسب رؤية 2030 فإن معدل البطالة سينخفض إلى 9% عام 2020 ثم إلى 7% عام 2030.
وعلى ضوء هذه الأرقام، سيتبارى الكتاب أدعياء الوطنية في الدعوة إلى سعودة الوظائف وإحلال المواطن السعودي محل الأجنبي دون أن يعرفوا المعنى الحقيقي لكلمة «سعودة»، لكنهم فقط يريدون أن يظهروا في الصورة كوطنيين من الدرجة الأولى؛ حتى لا يتشكك أي إنسان في وطنيتهم التي هي فقط الصوت العالي والعقيرة المرتفعة.

وأدعياء الوطنية لا يمكن أن يستوعبوا أن هناك 700 ألف سعودي عاطل عن العمل في الوقت الذي يعيش ويعمل في السعودية نحو 10.5 ملايين أجنبي!
وقد لا يعلم هؤلاء الأدعياء بأن الأغلبية الساحقة من المقيمين يعملون في وظائف يدوية يترفع السعوديون عن العمل فيها، باعتبارها مهن وضيعة لا تليق بهم حتى ولو تضوروا جوعا.

ولفت نظري في هذه الإحصاءات الأخيرة وجود 54 كلية تقدم التعليم الفني والمهني، وبالنظر إلى هذا العدد الكبير من الكليات الفنية والمهنية فمن الضروري تقييم عمل هذه الكليات من خلال لجنة استقصاء محايدة؛ لتؤكد أو تنفي ما إذا كانت هذه الكليات الكثيرة ترفد سوق العمل بالفنيين المؤهلين والعمال المهرة من كهربائيين، ونجارين، وميكانيكيين وغيرهم من الوظائف التي يحتاجها سوق العمل ويحتاجها مجتمعنا السعودي ويسيطر عليها حاليا الوافدون.
وقبل تقييم عمل هذه الكليات الكثيرة علينا أن نعترف بكل شجاعة وصراحة بأن أعواما كثيرة قد ضاعت سدى لم نقم خلالها بتدريب وتأهيل الشباب السعودي.

وعلينا أيضا أن نرتفع إلى مستوى المسؤولية ونضافر الجهود من أجل إنجاح برنامج التحول الوطني ورؤية 2030 التي نعقد آمالا عريضة عليها للتحرر من عبودية مصدر الدخل الواحد، ونقلنا إلى مصاف الدول المتقدمة اقتصاديا وحضاريا وثقافيا.

إن «السعودة» ليست هي الحل الجذري لموضوع البطالة رغم نبل مقاصدها وسحر غاياتها، لكن الحل الأمثل في رأيي يكمن في خلق المزيد من فرص العمل من خلال هيئة توليد الوظائف.
والسؤال المشروع هنا هو كيف يمكن أن نخلق المزيد من الوظائف وفرص العمل في غياب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الفاعلة والقوية والتي لا غنى لأي اقتصاد وطني عنها؟

ورغم الكلمات الوردية الساحرة للدكتور غسان السليمان الذي تم تعيينه في أغسطس الماضي محافظا للهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ورغم تفاؤله الشديد ونظرته المستقبلية المليئة بالأمل والطموح إلا أنني لا أستبعد أن تواجهه العقبات الكأداء بسبب البيروقراطية العنيدة التي لا قلب لها.
ورغم إنني إنسان خلقت متفائلا ولا أحب التشاؤم والمتشائمين، إلا أن الشكوك تساورني في نجاح هذه الهيئة ما لم تتضافر كل الجهود لدعمها وتعزيزها.
والدكتور غسان السليمان رجل مخلص ودؤوب، وسيفعل ما في وسعه لإنجاح الهيئة، خصوصا وله خبرة طويلة في مجال المال والأعمال، لكن – كما يقول المثل – اليد الواحدة لا تصفق.

وإذا لم تتناد كل الوزارات والإدارات الحكومية لدعمه والوقوف بصلابة معه فإنه قد لا يستطيع عمل الكثير في موقعه الجديد.
إن عملية توليد الوظائف هي أمر حيوي بالنسبة لتطور المجتمع، وعليه يجب أن تكون هي أولويتنا القصوى وموضوعنا الأهم.
وبدلا من العويل والصراخ عن «السعودة» والاستغناء عن العمالة الوافدة، يجب أن نعمل كل ما في وسعنا لمساعدة الشباب السعودي الطامح في تأسيس أعماله الخاصة.

وفي هذا الإطار، يجب على وزارة التجارة والاستثمار، والهيئة السعودية العامة للاستثمار دعم هؤلاء الشباب والوقوف معهم لتحقيق أمانيهم وتطلعاتهم، كما يجب على البنوك ورجال الأعمال المقتدرين الأخذ بأيديهم والوقوف بجانبهم حتى يشبوا عن الطوق، وتكون لهم مؤسساتهم الخاصة التي تدعم الاقتصاد الوطني.
وفي غضون ذلك يجب أن نقول للبيروقراطية إننا لن نحتمل بعد الآن أي معوقات أو تعطيل.
لقد صبر الشباب السعودي كثيرا وتحملوا فوق الطاقة، وقد آن الأوان للوقوف معهم ودعمهم ومساندتهم، فهم وقود الحاضر وأمل المستقبل.

خالد المعينا

    Leave a comment