Skip to content Skip to footer

أمهات سعوديات ضد القيادة المتهورة

لا تكاد صحفنا اليومية تخلو في أي يوم من أخبار مقلقة عن حوادث السير وعن الضحايا الذين يتساقطون يوميا بين قتيل وجريح على طرقاتنا نتيجة الحوادث المرورية.

وأصبح الناس في مجالسهم الخاصة يتهكمون على هذا العدد الكبير من الحوادث المرورية في كل مدينة سعودية هذا بخلاف الحوادث التي لا تجد طريقها للنشر.

وبالمقارنة مع عدد سكانها، تعتبر السعودية من أعلى الدول في نسبة الحوادث المرورية التي أصبحت أحد أهم أسباب الوفيات في بلادنا العزيزة.

وفي خلال العقود القليلة المنصرمة نظمت الإدارة العامة للمرور عددا من مشروعات السلامة المرورية بهدف التقليل من هذه الحوادث المميتة أو المعيقة التي أودت بحياة شباب في عمر الورود ما إن تفتحت للحياة حتى داهمها الموت تحت عجلات سيارة مسرعة أو في حوادث انقلاب أو انزلاق هذا بالطبع بالإضافة إلى الاصطدامات الناتجة عن القيادة بإهمال أو تحت تأثير الحبوب المخدرة.

وضاعفت الإدارة الغرامات على المخالفات المرورية كما زادت من أحكام السجون ونظمت حملات التوعية لكن كل هذا لم يؤد إلى التقليل من الحوادث المرورية التي أصبحت في تصاعد مستمر خاصة الحوادث الناجمة عن القيادة المتهورة والسرعة التي ليس لها مبرر ولا تؤدي، في معظم الأحيان، إلى الوصول المبكر.

ورغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها الإدارة العامة للمرور إلاّ أننا لا نلحظ أي تحسن مهم في الخدمات المرورية ومما يزيد الطين بلة أن أي سائق متهور وغير مبالٍ يعلم أنه لن يمكث كثيرا في الحجز لأن أي محادثة هاتفية من والده أو أخيه أو عمه أو خاله أو أحد أقاربه كفيلة بإخراجه.

وأعتقد أن أحد أهم أسباب الحوادث المرورية في بلادنا هي الحالة العامة للطرق المليئة بالحفر والمطبات والتحويلات التي تظهر لك فجأة وبدون أي مقدمات.

أضف إلى هذا التعليمات المرورية غير المتسقة بل والمتناقضة في كثير من الأحيان مثل الالتفاف يمينا عند الإشارات المرورية تتوقف أم لا؟ وأيضا الإغلاقات المتكررة لبعض الطرق المحورية فأنت تمر صباحا والطريق مفتوح وعندما تجيء في المساء تجده مغلقا!!

ومن الأسباب الأخرى للحوادث هو الغياب المستمر لشرطة المرور فأنت لا تكاد تشاهد أية سيارة للمرور متوقفة في الشوارع لمراقبتها وتنظيم حركة المرور وأيضا التراخي الشديد في تطبيق الأنظمة والقوانين المرورية.

ونحن كمجتمع، ليس لدينا ثقافة متأصلة للسلامة المرورية مما انعكس سلبا على طريقتنا في قيادة السيارات وأدى بالتالي إلى تصاعد وتيرة الحوادث المرورية.

ولكل هذه العوامل سالفة الذكر لا تزال الدماء تنزف على الاسفلت وما زالت الأرواح البريئة تزهق ليس بسبب الأمراض أو التقدم في السن لكن بسبب السرعة الزائدة والقيادة المتهورة التي سببت لنا كثيرا من الآلام والمآسي.

ونحن نحتاج بالفعل إلى تنفيذ برامج مستدامة للسلامة المرورية تحفظ دماء أبنائنا وبناتنا خاصة المدرسات في المناطق النائية التي لا تزال دماؤهن تنزف رغم كثرة اللجان والبرامج التي أعدتها وزارة التعليم للمحافظة على أرواحهن.

وبموجب هذه البرامج فإن أي سائق متهور، أو مهمل، أو غير مهتم بسلامة الآخرين يجب أن يلقي الجزاء المناسب الذي يردعه ويردع المتهورين الآخرين من أمثاله.

ونحتاج أيضا إلى إدارة عامة للمرور يقوم عليها أفراد أكفاء ومؤهلون وقادرون على تنفيذ القوانين المرورية بكل صرامة واقتدار.

وفي الولايات المتحدة تم إنشاء منظمة نسائية تطوعية تحت اسم «أمهات ضد القيادة تحت تأثير الخمور» أنشأتها عام 1980 سيدة أمريكية فقدت ابنتها ذات الثلاثة عشر ربيعا عندما دهسها سائق مخمور.

وتقول هذه السيدة إن منظمتها التطوعية غير الربحية قد استطاعت أن تحد من القيادة تحت تأثير الكحول بنسبة كبيرة وذلك من خلال حملات التوعية المرورية المستمرة والضغوط المتواصلة من أجل تنفيذ القوانين المرورية الصارمة.

ونحن، في المملكة العربية السعودية نحتاج إلى منظمة نسائية مشابهة يمكن أن نطلق عليها اسم «أمهات سعوديات ضد القيادة المتهورة».

يمكن أن تساهم في حملات التوعية وممارسة الضغوط من أجل تنفيذ أشد صرامة للقوانين المرورية خاصة والمرأة عنصر شديد الأهمية في المجتمع السعودي كما أن كثيرا من الأمهات فقدن أبناءهن في الحوادث المرورية القاتلة.

وإذا التفت الأمهات في مختلف مناطق السعودية من أجل هذه الغاية فإن الدماء على الاسفلت ستجف إن شاء الله.

خالد المعينا

Leave a comment