Skip to content Skip to footer

نريد أفعالا لا أقوالا لمحاربة الإرهاب

ذكرت وسائل الإعلام السعودية أن تعليمات قد صدرت لأئمة المساجد لفضح ممارسات ما يعرف بالدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» وغيره من تنظيمات متطرفة وإبرازهم كمجموعات شيطانية.
وفي الواقع فنحن نحتاج إلى أكثر من عمليات الفضح خاصة أن هذه التنظيمات قد استطاعت عبر الطرق الملتوية جذب الكثير من الشباب، وهي في حقيقة أمرها تنظيمات دموية ليست لها أي علاقة بالإسلام.
ولعل أقرب مثال على ذلك هو هجوم بعض الإرهابيين على نقطة الشرطة في شرورة وقتل عدد من أفرادها بدم بارد في نهار رمضان المبارك.
وليست لدى هذه المجموعات الإرهابية أي نية لإصلاح أو تقويم المجتمعات الإسلامية أو إنشاء مجتمع إسلامي مثالي كما يزعمون، بل على العكس من ذلك فإنهم قد شوهوا صورة الإسلام وأحرجوا المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم بأعمالهم الدموية.
ويجب أن نعترف لهذه التنظيمات بالذكاء، فهي قد استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي لتركز على سوء الإدارة في عدد من الدول الإسلامية وعلى غياب العدالة، والاضطهاد والتدخل في شؤون الدول الإسلامية وغيرها من ممارسات غير إسلامية.
وهكذا استطاعت هذه التنظيمات الإرهابية جذب أعداد لا بأس بها من الشباب الحانقين على حكوماتهم أو الذين ليس لهم إلمام كاف بالإسلام وتعاليمه.
وبالنظر إلى هذا فعلينا جميعا أن نعمل معا لوقف انتشار هذا الورم السرطاني المتمثل في إيديولوجية الكراهية والدم، وعلينا أن نعمل هذا الآن وليس غدا قبل أن يتأخر الوقت ونرى عددا من المسلمين الجهلاء وقد انضموا لهم.
إن مجرد كلمات الإدانة والتقريع لن تكفي ولابد من عمل جماعي على الأرض لوقف زحف هذه التنظيمات الإرهابية وحماية أبنائنا من شرورها، خاصة أننا أهملناهم طويلا مما مكن الإرهابيين والمتطرفين من اختطافهم.
واللافت للنظر أن بعض كتابنا الذين نبهوا إلى خطورة هذه التنظيمات قد وصموا سريعا بأنهم ليبراليون وغير إسلاميين وأطلقوا عليهم كثيرا من النعوت غير اللائقة.
وليس خافيا أن الحكومات العربية نفسها قد ساهمت في خلق داعش حينما أغفلت خطورته ولم تنتبه لأجنداته الإرهابية.
إننا نحصد اليوم ما زرعنا، فقد ظل علماؤنا ودعاتنا يتولون هذه الفلسفة الشريرة بالرعاية والعناية، وجعلوا المسلمين حتى من أبناء الطائفة الواحدة لا يقبل بعضهم بعضا.
وحسنا فعل إمام الحرم الشريف الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس في خطبة الجمعة الفائتة وهو يدعو إلى ميثاق شرف عالمي بين العلماء والمسؤولين والدعاة بهدف منع انزلاق الشباب نحو هذه التنظيمات الإرهابية.
لقد أصبح داعش عبارة عن تسونامي يجب علينا درء خطره قبل أن يفرق الأمة كلها،
ولكي نعمل ذلك علينا إعادة تقييم فكرنا واستبعاد كل العلماء والدعاة المزيفين الذين لا يخافون الله في أولادنا. ويجب علينا أن نعلم صغارنا الفلسفة والفنون والآداب، بينما نغرس فيهم مبادئ التسامح والغفران التي يحض عليها الإسلام. وعلينا أيضا أن نشجع الرياضات المختلفة والموسيقى والمسرح والسينما، ونغرس في أطفالنا حب الحياة، وأن نعلمهم أن الله سبحانه وتعالى قد أوجدنا لعمارة الأرض. فيجب علينا أن نتمتع بكل شيء جميل فيها، وأن نجعلها مكانا أفضل للعيش وليست ميدانا للقتل والتدمير، وهو بالضبط ما يعمل داعش عليه، وإلا فكيف تفسر قيام الطبيب السعودي الدكتور فيصل العنزي بتفجير نفسه وإنهاء حياته وهو في ريعان شبابه؟ ولماذا أشاد بعض الشباب بفعلته على تويتر ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى؟
ولا أنكر أن هناك بعض الأمراض والعلل في مجتمعنا، وقد فعلت الحكومة حسنا عندما قررت مواجهة خطر الإرهاب، لكن أتمنى ألا تقتصر هذه المواجهة على الكلام، بل بالأفعال الواقعية على الأرض.
إن على الدولة أن تحارب من أجل حماية عقول شبابنا من خلال استخدام أحدث الوسائل التقنية، ومن خلال زرع القيم الإنسانية فيهم وتعليمهم معنى حب الحياة.

KHALED ALMAEENA

Leave a comment