Skip to content Skip to footer

التغيير قادم قسرا أم اختيارا

الشيخ محمد بن راشد المكتوم، هو أحد الزعماء العرب القليلين الذين يصيبون الحقيقة دائما في كبدها، ويسمون الأشياء بأسمائها الحقيقية ولو لم يعجب هذا بعض الناس فهو لا يعرف المواربة أو المداراة. وهو دائما يجيء بالأفكار والآراء والمقترحات المناسبة ليس لوقتنا الحاضر فقط لكن للمستقبل أيضا.

وقال الشيخ محمد بن راشد مؤخرا وهو يخاطب القمة العالمية للحكومات في دبي إن العالم العربي يمتلك كل المقومات والإمكانات بما فيها الموارد البشرية، والتعليم، والأراضي الخصبة، وقوة الإرادة وغيرها لكنه يفتقد إلى شيء أساسي وهو الإدارة سواء كانت على مستوى الحكومة أو الاقتصاد أو الموارد، أو البنية الأساسية أو حتى الرياضة. وأشار في هذا الصدد إلى أن سكان العالم العربي يبلغون نحو 300 مليون نسمة أي ما يعادل سكان الولايات المتحدة، لكن السؤال المشروع هنا كم ميدالية أولمبية استطاعوا الفوز بها قياسا بعدد الميداليات التي تفوز بها أمريكا في كل دورة؟

وقال إن لدينا قصورا في بعض النواحي يستلزم المعالجة وسرعة الحل وقد كان محقا فيما ذهب إليه. ويعيد حديث الشيخ محمد بن راشد إلى الأذهان ما كانت قد ذكرته صحيفة التلجراف البريطانية في أعقاب حرب عام 1967 بأن العرب رغم كل ثرواتهم وإمكاناتهم المهولة يفتقدون شيئا واحدا مهما وهو “القيادة”. وقد أشار سموه إلى مسألة غياب القيادة حينما تحدث عن “الحقلة المفقودة” والتي هي القيادة الغائبة.

واتساقا مع قوله فإن الزعماء، والقادة، والمفكرين، والمخترعين لا يمكن أن ينشؤوا إلا في مجتمعات حرة وسليمة، ومعافاة يتم فيها تشجيع واحترام التفكير الحر منذ الطفولة الباكرة. وهذا ما يجب أن نعمل كلنا لتحقيقه، وهو ما يجب أن يكون الهدف الأساسي والوحيد لكل الذين يتولون مقاليد الحكم في الوقت الحالي. ومعلوم بالضرورة أن الأمن والاستقرار لا يتحققان إلا في ظل الاقتصاد المزدهر الذي يتم فيه تبادل الآراء والأفكار بكل حرية بدون حجر، أو إقصاء، أو مصادرة كما أن التنمية المجتمعية لا تتحقق إلا حيثما لا تصادر أفكار الناس أو تحجر عليهم. والمجتمعات تتقدم وتنمو عندما يشعر الناس أنهم شركاء لا أجراء وعندما يتقبل صناع القرار أفكارهم وآراءهم دون ازدراء أو تحقير. ومن المهم إذن أن يكون التنوع هو ركيزة المجتمع التي ستعزز نموه وتدعم تطوره. ويجب أن تدرك الحكومات العربية أنه مهما كانت قوتها أو حجمها فهي لن تستطيع البقاء في السلطة إلى ما لا نهاية بدون إرادة الشباب ودعمهم، ولهذا يجب أن يكون تركيز هذه الحكومات على الشباب كقوة ناهضة ومستنيرة ومؤثرة.

ويجب أن تدرك هذه الحكومات بأن زمن سلطة الفرد القائد الملهم قد ولت بلا رجعة خاصة في زمن التواصل الاجتماعي الذي حل محل البريد السابق والذي يمكن استخدامه لنشر الوعي، والخير، والجمال بدلا من أن يكون مطية للإرهاب والتطرف. والأمثلة كثيرة عندما استخدم الشباب وسائل التواصل الاجتماعي لتأجيج الثورات وإسقاط الحكومات فهم إذن يمثلون قوة لا يمكن الاستهانة بها أو التقليل من شأنها. وأنا سعيد بأن أرى من حولي شبابا وشابات لا يقلون تأهيلا أو تصميما عن رصفائهم في مختلف دول العالم إن لم يفوقوهم عزما وتصميما وإرادة. وهؤلاء الشباب المؤهلون المستنيرون يريدون أن يسهموا في بناء الوطن وأن يشاركوا بفاعلية في تقدمه ورخائه وتحقيق نهضته وازدهاره. وهؤلاء الشباب المتعلمون المؤهلون تأهيلا راقيا لا يقلون عن نظرائهم في الشرق أو الغرب، وكل ما يريدونه ويطمحون إليه هو فرصة وهم لا يطلبون كثيرا، وقد آن الأوان لكي نمنحهم هذه الفرصة التي هي لست كثيرة عليهم.

خالد المعينا

Leave a comment