Skip to content Skip to footer

مرور جدة والقطط السمان

الحالة المرورية في مدينة جدة وصلت حداً لا يحتمل بالنسبة للسائقين والمشاة على حد سواء وقد أصبحت صفوف السيارات وأبواقها المزعجة، والمعارك اليدوية وغيرها مظهراً مألوفاً وسمة عادية.
ومما زاد الطين بلة التغيرات اليومية المستمرة في اتجاهات الطرق، والعباقرة الذين فكروا في بناء الملفات على كل اثنين أو ثلاثة كيلومترات على طريق الملك عبدالله عملوا ذلك بدون استشارة، واعتقد هؤلاء العباقرة بأنهم سيستغنون عن أربع إشارات ضوئية من تقاطع التحلية حتى دوار الكرة الأرضية ولم يدر بخلد أي منهم أنهم بذلك إنما زادوا عدد الإشارات الضوئية إلى سبع أو ثمان لأن كل الملفات قد تحولت بدورها إلى إشارات ضوئية، وهذا لأن الطريق قد أصبحت تغلقه ثلاثة مسارات من السيارات التي تود أن تدور 90 درجة لكي تتحول إلى الطرف الآخر.
ومن الواضح أنه لم تتم أي دراسة أو يستخدم أي برنامج للكمبيوتر لعمل هذه التحويلات الكثيرة على هذا الطريق المهم، وكما يعلم الكل فإنه لا توجد ثقافة للمرور في جدة وإن الإهمال واللا مبالاة قد وصلا إلى مستويات مخيفة وإنه لا يوجد أي اعتبار للسلامة العامة، ومما يزيد الحال سوءا هو السلوك الشيطاني للسائقين الذي يجعل هذه المشكلة كابوساً حقيقياً.
وفي هذه الأحوال لا تجد أي شرطي للمرور ليسجل المخالفات ويعاقب المخالفين وإن وجد فإنه يكون قابعاً في سيارته مشغولاً بالحديث على هاتفه النقال، ويحدث أن ترى سيارات كثيرة للشرطة على شارع التحلية وتفرح بوجودها لأنك تعتقد أن الشرطة سينظمون حركة المرور، ولكنك ستفاجأ بأنهم يقومون بتوجيه كل السيارات إلى جهة واحدة، مما يسبب اختناقاً مرورياً شديداً، وهم يفعلون ذلك بلا أي منطق مقبول أو بدون أن يعرفوا حال الجهة التي يوجهون السيارات إليها.
ومن المناظر المألوفة في جدة أيضاً أن ترى السيارات الفارهة والسيارات الشبابية وهي تقطع الإشارات الحمراء دون رادع من ضمير أو قانون، وكل ما يشاهده الناس هو سائق الليموزين المسكين وهو يدخل رأسه من خلال نافذة سيارة المرور مترجيا شرطي المرور بأن يتركه يمشي ويسامحه على خطأ قد لا يكون ارتكبه، وأعتقد أن الوقت قد حان لكي يخرج رجال الشرطة من سياراتهم ويأتوا إلينا بدلاً من انتظارنا لنركن سياراتنا ونأتي إليهم، ولا شك أن الحكومة قد قامت بتعيين رجالات المرور في مناصبهم لخدمتنا وليس العكس.
ومن الموضوعات المثيرة كثرة استخدام المحسوبية والواسطة، فقد يحدث أن يصدمك شاب لا يحمل رخصة أو استمارة وعندما تذهب إلى الشرطة لتشكوه؛ تراه قد خرج بعد دقائق قليلة لأن المحقق قد تلقى اتصالاً هاتفياً بالتخلي عنه ليخرج وهو يضحك عليك لأنك لم تستطع أن تنال منه، 
ولا يمكن لأي أحد أن ينكر أن اتصالاً هاتفياً واحدا من قريب أو شخص متنفذ وتجد أنك الجاني وليس الضحية، ونحن بطبعنا لا نحب احترام النظم والقوانين بل ولا توجد لدينا الآلية التي تطبق هذه الأنظمة والقوانين، ولهذا أرى من الضروري إخضاع رجال شرطة المرور لدورات مكثفة على وسائل السلامة المرورية والمهارات السلوكية.
وللأسف فإن كل الخطط الخمسية التي توضع لتنمية المدينة لا تأخذ في الاعتبار حاجة المدينة إلى نظام مواصلات عامة يخفف ازدحام الطرقات وينقل السكان إلى وجهاتهم. ولا أذيع سراً إن قلت إن كثيرين من سكان جدة باتوا يخافون على سلامة أطفالهم وهم يذهبون إلى مدارسهم ويعودون منها يومياً خاصة أن نسبة حوادث السيارات في بلادنا هي الأعلى في العالم بحسب الإحصاءات الرسمية.
لقد حان الوقت لنقوم بحملة وطنية شاملة للسلامة المرورية لا تقتصر على رجال شرطة المرور بل يشارك فيها كل قطاعات المجتمع ابتداء من الأسرة وانتهاء بالمدارس، وعلى الآباء تحمل مسؤولياتهم في إرشاد أبنائهم وزيادة وعيهم المروري.

خالد عبدالرحيم المعينا

Leave a comment