عقب حادث الكنيس اليهودي في القدس كتب صحفي أمريكي متسائلاً: متى ستتوقف دائرة العنف في إسرائيل؟
ومثل هذا السؤال لا يمكن إلا أن يطرحه صحفي أمريكي موال لإسرائيل. أما إذا جاء السؤال من صحفي آخر محايد وعادل وموضوعي فإنه سيقول: متى سينتهي قهر وتعذيب واضطهاد الشعب الفلسطيني؟
خلال السنوات الماضية تجاهلت حكومة بنيامين نتنياهو كل قواعد الإنسانية وأبسط حقوق الإنسان وانغمست في سياسة عقيمة وغير أخلاقية قوامها إذلال وتحطيم الشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة وسلب كل حقوقه الوطنية بغية إخضاعه واستعباده أو إجباره على الاستسلام التام لشروط الدولة المحتلة وواصلت حكومة نتنياهو أمام مرأى العالم وسمعه تعذيب المدنيين العزل وتدمير منازلهم وحرق مزارعهم والاستيلاء على المزيد من أراضيهم وإراقة دمائهم وسلب كل حقوقهم الإنسانية.
وأدت الممارسات الإسرائيلية الوحشية إلى زيادة حنق الشعب الفلسطيني وغضبه وأجبرته على اللجوء إلى الدفاع عن نفسه وإلى القيام بأعمال ما كان سيضطر لها مثل الهجوم الأخير على الكنيس الذي قام به شابان فلسطينيان قدما حياتيهما قرباناً لشعبهما وثمناً زهيداً لكرامته المهدرة.
إن الشعب الفلسطيني لا يريد العنف لكن حكومة نتنياهو دفعته دفعاً لذلك وأجبرته على الإتيان بأعمال يائسة حتى تقول لأمريكا الداعمة لها إنها مغلوبة على أمرها وأنها ضحية الأعمال الفلسطينية الوحشية.
وبالطبع فإن أمريكا لن تقبل المساس بربيبتها إسرائيل وستتعاطف معها وتزيد من مساعداتها العسكرية والاقتصادية لها حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها أمام وحشية الشعب الفلسطيني!!
ظل نتنياهو يلعب على هذا الوتر لأنه يعلم تماماً أن لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) وجماعات الضغط الأخرى الموالية لإسرائيل هي التي تحدد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وترسم ملامحها ويعي نتنياهو تماماً أن المشرعين الأمريكيين في مجلس النواب والشيوخ خاضعون تماماً لإرادة إسرائيل ولا يستطيعون نقدها أو الخروج عن طوعها وهو يعلم أيضاً أن المشرعين الأمريكيين طوع بنانه، وأنهم سيقيمون الدنيا ولا يقعدونها على أي مساس بأمن إسرائيل وعلى أي حادث يؤلمها أو يصيبها بالصدمة مثل الهجوم على الكنيس اليهودي في القدس، إنه حقاً أمر مؤسف أن تكون دولة بحجم الولايات المتحدة بكل جبروتها وهيمانها وهي الدولة العظمى في العالم التي تدعي أنها المسؤولة الوحيدة عن الأمن والسلم الدوليين تسلم قيادها بالكامل لإسرائيل لتحركها كيفما تشاء.
إن الدعم الأمريكي الأعمى لإسرائيل جعلها تتجاهل بل وتتحدى كل قرارات الأمم المتحدة وكل القوانين الدولية وتتمادى في غيها وعنجهيتها وتفعل ما تشاء في الأرض الفلسطينية من حروب جائرة على غزة ومحاصرة الحكومة في رام الله وإغلاق المعابر وتشتيت الشعب الفلسطيني وهذا الدعم الأمريكي اللا محدود للدولة اليهودية جعلها ترفض كل الحلول وتسخر من كل المبادرات السلمية وكان من نتيجة ذلك أن انزوت مبادرة السلام العربية خلف الكواليس وهي المبادرة التي اعترفت للمرة الأولى بحق إسرائيل في الوجود وفي العيش بسلام وسط جيرانها العرب.
وقد مثلت تلك المبادرة، التي تقدم بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – يحفظه الله – حينما كان ولياً للعهد، فرصة ذهبية لإسرائيل في العيش بسلام في المنطقة تحت مظلة الاعتراف المتبادل.
وقد جاء رد إسرائيل الرافض لهذه المبادرة السلمية مباشرة في اليوم التالي لإطلاقها في شكل هجوم سافر على مقر الرئيس الراحل ياسر عرفات.
إن الحكومة الأمريكية ليست جادة أو أمينة في ادعائها بأنها تسعى للسلام، وعلى إسرائيل أن تعلم أن الشعب الفلسطيني لن ينكسر ولن يخضع ولن يذل، وعليها أن تعلم أن أعمال القتل والترهيب ومصادرة الأراضي وتدمير البيوت وتدنيس الأقصى لن تسكت الشعب الفلسطيني أو تكسر شوكته فهو شعب لا يقهر.