Skip to content Skip to footer

هل تسرعت وزارة التعليم في إغلاق مدارس البحر الأحمر؟

تعودنا دائما ألا نتحرك أو نتخذ القرارات إلا بعد وقوع المأساة.
حينئذ فقط نفتح أعيننا ونتخذ القرارات التي قد لا تكون سليمة دائما وتكون أضرارها أكثر من فوائدها.
وأتحدث هنا تحديدا عن قرار وزير التعليم بغلق مدارس البحر الأحمر العالمية في جدة نهائيا وسحب أصل الترخيص، والإشراف على تسوية الأمور المالية حول الرسوم الدراسية ومستحقات الموظفين والموظفات واستلام الختم الرسمي للمدارس.
وجاء هذا القرار على خلفية نتائج التحقيقات في وفاة الطفل عبدالملك مروان عوض البالغ من العمر ست سنوات والذي تركه سائق الحافلة في مقعده طوال اليوم الدراسي الذي استمر أكثر من ست ساعات فارق خلالها هذا الطفل البريء حياته حتى قبل أن تبدأ.
وأدانت لجنة التحقيق المدرسة بالإهمال وعاقبتها بالإغلاق النهائي ونحن وسط العام الدراسي.
إن وفاة هذا الطفل البريء بالإهمال هي مأساة بكل معنى الكلمة ليس فقط لوالدته ووالده وزملائه بل للمجتمع بأسره.
وأنا شديد التعاطف مع هذه الأسرة المكلومة التي كانت تنتظر عودة ابنها بعد انتهاء اليوم الدراسي فإذا به يعود إليها جثة هامدة بعد أن كان مليئا بالحركة والنشاط.
واكتملت المأساة بقرار الوزارة المتسرع الذي لم يأبه بمصير نحو 1400 طالب وطالبة في مختلف المراحل الدراسية من التمهيدي إلى الثانوي.
لقد استيقظت الوزارة من سباتها العميق فجأة واتخذت هذا القرار المجحف بحق مدارس البحر الأحمر رغم مسؤوليتها المؤكدة بالإهمال الذي تسبب في وفاة طفل كان كل المستقبل في انتظاره.
وآن الأوان لكي نتساءل؛ ألا توجد إجراءات أمن وسلامة في المدارس تحمي حياة الطلاب وتقر أعين والديهم؟ ألا توجد تجارب للتعامل مع الكوارث والحالات الطارئة حتى يتعلم الطلاب الصغار كيف يتصرفون عند حدوث أي طارئ لا قدر الله؟وأيضا من حق الآباء أن يتساءلوا: هل ستغلق المدرسة وتشمع بالشمع الأحمر ويتشرد الطلاب إذا حدثت مثل هذه المأساة في مدرسة حكومية؟لا أعتقد أن مثل هذا القرار سيطبق في المدارس الحكومية فلقد سمعنا بوفاة (20) طالبة في إحدى مدارس البنات الحكومية في مكة المكرمة ومن حقنا أن نتساءل الآن: ما هو مصير تلك المدرسة والقائمين عليها؟ وكنت على قناعة دائما، ولا أزال، بأنه لا توجد عندنا مؤسسة أو إدارة حكومية تراعي بدقة إجراءات الأمن والسلامة المكتوبة بكل وضوح من طرف الدفاع المدني لكنها تتحرك بعد وقوع المأساة وبعد أن يكون السيف قد سبق العذل.
ولا أشك في أننا إذا تفقدنا مدارس البنين والبنات في منطقة واحدة هي منطقة مكة المكرمة فإننا سنجد كثيرا من السلبيات وأوجه القصور.
إن القرارات المتسرعة تؤثر في الجميع ولا يقتصر أثرها على الجهة المعاقبة فعلى سبيل المثال فقد شملت العقوبة على مدارس البحر الأحمر العالمية كثيرا من الطلاب وأولياء الأمور.
ولا أشك أن وزير التعليم يدرك تماما في قرارة نفسه أن هؤلاء الطلاب الذين حرموا من الدراسة في منتصف العام الدراسي وجلسوا في منازلهم سيصابون بالاكتئاب ويعانون المشاكل النفسية التي قد تستمر معهم طوال الحياة.
وكان يمكن أن تكون عقوبة الوزير على المدارس مختلفة وذات أثر مستمر.
فعلى سبيل المثال كان يمكن أن يطلب منها عمل جائزة سنوية باسم الطالب عبدالملك مروان عوض تخليدا لذكراه وحفاظا على اسمه مخلدا في المدرسة التي أهرقت حياته.
إن العقوبات الجماعية في عصرنا الحالي ليست محببة ولن تخدم غرضا وستطال كثيرا من الأبرياء.
والأفضل من ذلك كله تشديد إجراءات الأمن والسلامة في كل المنشآت حفاظا على أرواح الناس.
ولو كانت المدرسة قد افتقدت الطالب عندما لم يحضر في ذلك الوقت المشؤوم لعثروا عليه في حافلته وأنقذوا بالتالي حياته الغالية.
صحيح أن المدرسة قد استأنفت القرار لدى ديوان المظالم وأن أولياء الأمور لا يزالون يبحثون على حل لمشكلات أبنائهم وبناتهم وأن المدرسين والمدرسات لا يزالون يبحثون عن حلول لمشاكل رواتبهم المتأخرة ووظائفهم المجمدة لكن كل هذا لن يعيد الحياة للطالب عبدالملك ولن يحد من أثر القرارات المتسرعة.

خالد عبدالرحيم المعينا

Leave a comment