Skip to content Skip to footer

لا تسامح بعد الآن مع السلوك غير اللائق

نشرت الصحف المحلية مؤخرا قصة الشرطي المكلف بتنظيم حركة المعتمرين والزوار الراغبين في تقبيل أو لمس الحجر الأسود في الكعبة المشرفة مع صورته وهو عاكف إحدى رجليه أثناء العمل. وقالت الصحف إنه تم توقيف الشرطي ويجري التحقيق معه. وسرعان ما انتشرت صورة الشرطي على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعرب المغردون عن استيائهم من هذا التصرف الذي لا يليق بقدسية المكان وتساءلوا عن العقوبة التي اتخذت في حقه. وشخصيا أتفق مع المغردين، لكنني أتساءل: هل تقف السلطات المعنية مكتوفة الأيدي وغافلة عن السلوك غير المنضبط لبعض موظفي الدولة حتى ينبهها المغردون إلى ذلك؟ وعلى كل الناس أن يعلموا أن الإسلام ليس فقط أداء الصلوات الخمس المكتوبة وصوم رمضان وحج البيت، إنما هو التأسي برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في نبل أخلاقه وحسن معاملته لكل الناس، مسلمين وغير مسلمين.
إن الوقاحة والفحش والبذاءة كلها صفات ليست لها أي علاقة بالدين الإسلامي العظيم الذي يحض على حسن الأخلاق، والأدب، وتوقير الكبير، واحترام الصغير، ومساعدة الناس، وغيرها من المعاني السامية.
وعلى الرغم من جهود الحكومة لتحسين الصورة وإنهاء المعاملات إلكترونياً إلا أنه لا تزال هناك تصرفات غير لائقة يقوم بها بعض الموظفين في الدوائر الحكومية.
وللأسف الشديد فإن المواطنين والزائرين القادمين للمملكة تقابلهم الوجوه المتجهمة والتعامل غير اللائق من قبل بعض ضباط الجوازات حالما تطأ أقدامهم مطار الملك عبدالعزيز بجدة. وغالبا يبخل عليك موظف الجوازات برد التحية. ويجهل هؤلاء الموظفون لغة التخاطب، خاصة مع المقيمين المغادرين أو الواصلين. ويعاني المقيمون أكثر منا نحن المواطنين السعوديين. وبريدي الإلكتروني مليء برسائل المقيمين المتظلمين من موظفي الجوازات، وهذا شيء يجب ألا يحدث في بلادنا اليوم، خاصة ونحن نتطلع إلى تحسين صورتنا في الخارج، ونسعى لأن نكون في مصاف الدول المتقدمة.
ومؤخراً تلقيت رسالة من مواطن من إحدى الدول الآسيوية وهو يحكي تجربته مع معاناة تجديد الإقامة، وقال إنه كان يحمل خطاباً موقعاً ومختوماً من مؤسسته وصورة مختومة أيضاً من الإقامة تؤكد أن إقامته تحت التجديد، لكن لا صورة الإقامة ولا الخطاب المختوم كانا كفيلين بتبرئة ساحته أمام حملة الجوازات، فتم القبض عليه وتوقيفه في سجن الترحيل لمدة ثماني ساعات قبل أن يطلق سراحه بدون أية توضيحات. من المسؤول عن مثل هذه التصرفات؟ لماذا لا يتم توقيفه والتحقيق معه؟
والتصرفات المتعالية لبعض صغار الموظفين لا تحتمل، ولا يمكن الصبر عليها أو التغاضي عنها، غير أنك لا يمكن أن تناقشهم أو تتحدث إليهم بلغة العقل والمنطق، لأنك ستسمع كلاماً غير لائق يزيد من توترك ويفاقم غضبك. وهم على كل حال، أردت أم لم ترد، ليسوا في حالة نفسية تسمح لهم بالاستماع إليك، لذا فمن الأفضل أن تبلع كرامتك وتسكت.
وذات مرة أوقفني شرطي المرور عند إحدى الإشارات وطلب مني رخصة القيادة، وعندما سألته لماذا؟ اتهمني بأنني لم أكن أربط الحزام، وعندما طلبت منه أن يرى الحزام مربوطاً قال لي إنني فعلت ذلك بعد أن رآني! كيف يمكن أن تحتمل مثل هذه التصرفات خصوصاً والقانون إلى جانبه وهو يمكن أن يكيل لك الاتهامات الكيدية؟
إن الجماهير اليوم لا تحتمل التصرفات غير اللائقة، وهم يفضحونها على الفور في مواقع التواصل الاجتماعي، ورغم ذلك فهناك بعض التصرفات التي يقوم بها بعض الموظفين الحكوميين لكنها لا تظهر على السطح ولا تجد مكاناً على الإنترنت. وفي اعتقادي أن الحل لا يكمن فقط في معاقبة الموظف الذي يسيء الأدب مع المراجعين، لكن في تدريسه أخلاق العمل وتعليمه قواعد الإيتيكيت في التعامل مع الناس. ومن المهم أيضا الكشف النفسي على الموظفين الحكوميين قبل تعيينهم ومراقبة تعاملهم مع الناس وتدريبهم على القدرات السلوكية. ويجب إنشاء موقع خاص على شبكة الإنترنت وإنشاء خط ساخن لتلقي شكاوى المواطنين والمقيمين ضد الموظفين الحكوميين الذين يسيئون معاملتهم مهما كانت مواقعهم. ولا يخفى على أحد أن الحكومة تنفق مليارات الريالات على الخدمات العامة، غير أن جهودها تضيع هدراً بسبب التصرفات غير المسؤولة من بعض موظفيها.
يجب أن تكون الرسالة واضحة لكل الموظفين الحكوميين العموميين: إننا لن نقبل بعد الآن أي تصرف غير لائق، أو أي سلوك قبيح.

خالد المعينا

Leave a comment