Skip to content Skip to footer

ضرورة إلغاء نظام الكفيل

تنامت في السنوات الماضية الانتقادات الكثيرة لطريقة معاملة الوافدين في دول مجلس التعاون الخليجي.
ومن واقع ما نشهده أو نسمع به أو نقرأ عنه، فلهذه الانتقادات ما يبررها، حيث ينظر البعض إلى الوافدين، رغم الدرجات العلمية التي قد يحملونها، على أنهم أقل منا بشرية وأنهم جاؤوا لتوفير بعض المال الذي قد يفيدهم في ديارهم.
ونحن بهذا لم ننظر إلى الوافدين على أنهم إخوان لنا في الإنسانية وشركاء في التنمية والبناء.
وقد شارك في هذه الانتقادات منظمة العمل الدولية نفسها بسبب الشكاوى الكثيرة التي وصلتها ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها.
غير أن هذه الانتقادات ذهبت أدراج الرياح ولم تجد عندنا أذنا صاغية.
وعلى أية حال فقد بدأت بعض الدول الخليجية مؤخرا في اتخاذ عدد من الإجراءات التي قد تخفف من الأحوال البائسة للعمال الأجانب.
ومع إقرارنا بصدق نوايا هذه الإصلاحات، إلا أن المشكلة لا تزال باقية كما هي بكل آلامها ومآسيها بسبب استمرار نظام الكفالة العقيم وبقاء هؤلاء الوافدين تحت رحمة الكفلاء سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات.
لقد كتبت كثيرا عن ما يتعرض له بعض الوافدين من ظلم وغبن على أيدي بعض الكفلاء من ضعاف النفوس، وكتبت رسائل شخصية لبعض المسؤولين عن قضايا تتعلق ببعض الوافدين غير أنه لا أحد سمعني أو قام باتخاذ اللازم حيال القضايا التي طرحتها.
غير أنني أقر وأعترف بكل الشكر والامتنان أن وزير العمل الحالي الدكتور مفرح الحقباني قد تجاوب مع قضية أخصائي جراحة المخ والأعصاب التي طرحتها عليه والذي لم يستطع السفر لرؤية أولاده نحو 19 شهرا بسبب بعض التعقيدات البيروقراطية فله ولكل العاملين في وزارته كل الشكر والتقدير.
وللحقيقة فإن المشكلة لا تقع في قوانين العمل والعمال، وهي قوانين موضوعة بعناية وهي منصفة وعادلة، لكن في طريقة تنفيذها وأسلوب من يقومون بالتنفيذ.
وحقيقة أخرى هي أن العمال الذين لا يتحدثون العربية لا يجدون من يستمع إليهم أو يتعاطف مع قضاياهم، وأقل ما يمكن أن يعمله الكفيل حين يضيق ذرعا بقضاياهم أن يبلغ عنهم بتهمة «الهروب» التي أصبحت قيدا لا يستطيع الوافدون كسره أو التغلب عليه.
ويلجأ بعض الكفلاء لاستخدام موضوع الهروب حتى يتهربوا هم أنفسهم من دفع الاستحقاقات المالية للعمال.
وقد أسعدني حقا أن وزير العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة صقر غباش قد أعلن عن تفريغ نظام الكفالة من الجوانب السلبية المتعلقة بما يعزز من حقوق العمال الوافدين.
وتهدف الإصلاحات إلى تأكيد الطبيعة التعاقدية لعلاقة العمل بين الطرفين بحيث يكون عقد العمل هو المرجعية الأساسية لهذه العلاقة بعيدا عن سيطرة طرف على آخر.
وبموجب هذه الإصلاحات فإن العامل سيوقع عقدا موحدا في بلاده قبل أن يشد الرحال إلى الدولة الخليجية ولن يجد أمامه وثائق مغايرة لتوقيعه بعد وصوله.
وعقد العمل الملزم هذا سيتم تسجيله لدى وزارة العمل ولا يمكن بأي حال تعديله بشكل يعد تحايلا على العامل.
وينص العقد الجديد على منع الكفيل أو صاحب العمل من الاحتفاظ بالأوراق الثبوتية للعامل مثل جواز السفر وغيره كما ينص على إطلاق سراح العامل والموافقة على نقل كفالته لجهة أخرى متى ما أراد.
وأدى تدفق العمال الوافدين على بلادنا بشكل كبير إلى إيجاد ما يسمى بـ»سوق التأشيرات» حيث يقوم المواطنون باستقدام العمال مقابل مبالغ مالية كبيرة ثم إطلاق سراحهم في السوق مقابل إتاوات شهرية أو سنوية ودفع المقابل لتأشيرة الخروج والعودة وغيرها من أمور قد يحتاجها العامل.
ونحمد الله كثيرا أن وزارة العمل عندنا قد شنت حربا شعواء على تجار التأشيرات ونظمت عملية الاستقدام وهي تواصل الإصلاحات التي تضمن حقوق العامل والكفيل.
ويجب أن تواكب هذه الإصلاحات حملات إعلامية مكثفة لتوعية العمال والكفلاء بحقوقهم وأن تسجل العقود لدى وزارة العمل ولا تترك في أيدي الكفلاء.
ويجب أن تؤدي هذه الإصلاحات في نهاية الأمر إلى إلغاء نظام الكفالة فهو في حقيقته نظام للاستعباد والاضطهاد والاتجار في البشر.
ويمكن الاستعاضة عن نظام الكفيل فردا كان أو مؤسسة بجهة واحدة معتمدة من قبل الحكومة تكون مسؤولة عن الكفالات.

خالد عبدالرحيم المعينا

Leave a comment