Skip to content Skip to footer

الإبهار بالفكر وليس المال

كثيرا ما تحمل لنا الأنباء سرقة نساء ورجال خليجيين في أوروبا وفي الحقيقة هذه ظاهرة منتشرة منذ سنوات وتحديدا منذ أن تفجرت صحراء الخليج بالذهب الأسود.

وفي الأسبوع الماضي سرق شخصان ملثمان سيدتين خليجيتين وسائقهما في إحدى الطرق الرئيسة شمال العاصمة الفرنسية باريس واستوليا على أموال ومقتنيات أخرى ثمينة يقدر ثمنها بنحو خمسة ملايين يورو.

وقالت الشرطة الفرنسية إن السيدتين شقيقتان غادرتا مطار لو بورجيه في سيارتهما وهي من طراز بنتلي عندما أجبر شخصان ملثمان سيارتهما على التوقف وقاما برشهما بغاز مسيل للدموع.

وقالت الشرطة إن كل ما كان داخل السيارة من مجوهرات وسيولة نقدية وحقائب وأشياء أخرى ثمينة تمت سرقتها.

وهذا نموذج واحد من عدة نماذج وأمثلة تمت سرقة الناس فيها لمجرد أن مظهرهم كان يدل على الثراء.

وفي هذا الصدد يمكن أن أذكر عددا من القصص المشابهة فقبل عدة أشهر، وفي مدينة ميامي الأمريكية تمت سرقة حقيبة رجل أعمال خليجي كانت تحتوي على نحو 800 ألف دولار أمريكي.

وتمت السرقة من الغرفة التي كان يسكنها، وليس على الفندق أية مسؤولية جنائية لأنه يحذر النزلاء بشكل واضح من عدم الاحتفاظ بالأشياء الثمينة في الغرف ووضعها بدلا من ذلك في خزينة الفندق.

وقال الرجل بكل سذاجة بأنه حمل هذا المبلغ الكبير ليصرف منه على أسرته خلال قضائهم العطلة الصيفية في أمريكا وكأن هذا الرجل لم يسمع ببطاقات الائتمان أوشيكات المسافرين!!

وقبل عدة سنوات وفي ضاحية جميلة في لندن تمت سرقة مبلغ ألف جنيه إسترليني من مواطن خليجي كان يمارس رياضة المشي مع سكرتيره الآسيوي. واستغرب كيف يحمل رجلا مثل هذا المبلغ الكبير معه وهو خارج للرياضة فقط وليس التسوق أو التنزه.

ويمكن أن أذكر عشرات الأمثلة هنا التي تجعلكم تضحكون من غفلتنا وسلونا الساذج. وتخيل معي سيدات خليجيات يتمشين ظهر أحد أيام الأحد في حديقة هايد بارك وقد لبسن الذهب والمجوهرات والساعات الثمينة وكانت في حقيبة يد كل واحدة منهن مبالغ لا تقل عن أربعة آلاف جنيه إسترليني. وكأن لسان حال هؤلاء النسوة يقول للصوص نحن هنا تعالوا أسرقونا.

كيف جاء في مخيلة أية واحدة منهن أن تتزين بالذهب والمجوهرات وهي تتجول في حديقة هايد بارك الواسعة والتي تعج بالناس من كل الأصناف أيام العطلات؟

وفي أحد فنادق كابيتول هيل في واشنطن بينما كنت أقوم بإجراءات السكن كان موظف الاستقبال يبدي إعجابه الشديد بسبحة كانت في يد أحد المواطنين الخليجيين وبدلا من أن يشرح له ذلك الرجل الشاب فوائد استخدام السبحة قال له بصوت عال سمعه كل الموجودين إن ثمنها هو 30 ألف دولار أمريكي.

وقد كدت أسقط مغشيا علي من سذاجة هذا الرجل فموظف الاستقبال لم يسأل عن ثمنها وإنما فقط أبدى إعجابه بها مما جعل المواطن الخليجي يتباهى بثمنها الكبير. وليس من الفروض علينا أن نبدي مظاهر الثراء الفاحش في أوروبا أو أمريكا أو حتى في بلادنا فهذه دعوة صريحة للسرقة وشيء مستفز للفقراء والمساكين.

والحقيقة لا أستبعد أن تكون غالبية الناس الذين يفعلون هذا هم من مستجدي النعمة الذين جاءتهم الثروة قبل العلم والثقافة وبدون أن يتعبوا فيها كثيرا. ولا أفهم المنطق الذي جعل مواطنا خليجيا يذهب لقضاء إجازته الصيفية في ماريبا في إسبانيا وهو يحمل معه مبلغ مليون دولار!! أليس هذه دعوة صريحة للسرقة وعملية استفزاز متعمد للذين لم ينعم الله عليهم بثروة هبطت من السماء لم يتعبوا كثيرا في الحصول عليها.

والأثرياء الحقيقيون في الغرب أو في الدول الآسيوية الذين تعبوا كثيرا في جني الثروة لا يفعلون مثل هذا أبدا بل هم متواضعون في مظهرهم وبسطاء في لبسهم.
ويجب أن يعلم أثرياؤنا أن هناك أوقاتا وأمكنة معينة يمكن أن يستعرضوا فيها غناهم ليس من بينها أوروبا أو أمريكا في الصيف، وليس من بينها أيضا الشوارع والطرقات العامة التي يسير عليها كل الناس.

لقد تطورت الجريمة في العالم مع تطور التكنولوجيا ووسائل الاتصال التي أصبحت تستخدم في الإيقاع بالضحايا الأبرياء والسذج الذين يتباهون بغناهم ويحرصون على إظهاره لكل الناس. والمشكلة أننا كلنا على علم بذلك لكن بعضنا يفعلها متعمدا وكأن حب إظهار الغنى هو بعض من جيناته.

ونصيحة لكل الإخوة والأخوات الذين يسافرون للفسحة أو العمل أن يكونوا بسطاء في مظهرهم وألا يدعوا اللصوص لسرقتهم. وإذا أردنا التأثير على الآخرين وإبهارهم فيجب أن نفعل هذا بالعقل والفكر وليس بالمال أو إظهار الغنى.

خالد المعينا

Leave a comment