Skip to content Skip to footer

أبي لا يعرف الرحمة. هذا ما نطق به الطفل علي ذو الثمانية �

أبي لا يعرف الرحمة.
هذا ما نطق به الطفل علي ذو الثمانية أعوام بعد أن ضربه والده ضرباً عنيفاً وسلخ فروة رأسه بخنجر ورش عليه مواد حارقة زيادة في إيلامه.
والسبب كما قال الطفل البريء، أن والده السعودي الذي يبلغ من العمر(49) عاماً طلب منه أن يخرج إلى الشارع ويأتيه بمال عن طريق السرقة أو التسول غير أن الطفل رفض بحجة أن هذا حرام فما كان من الأب، الذي لا قلب له، إلا أن قام بفعلته الشنيعة نحو ابنه الذي من المفروض أن يكون فلذة كبده ونور عينه.
تناقلت الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي هذه القصة المحزنة التي وقعت أحداثها في إحدى قرى محافظة صبيا بمنطقة جازان.
وإن كانت هناك خطوط فضية في هذه السحابة الداكنة فهي أن الأب المجرم الآن في قبضة الأجهزة الأمنية وجهات التحقيق تمهيداً لمحاكمته وفقاً لقانون الحماية من الإيذاء أو علاجه إن كان مدمناً على المخدرات.
وقالت والدة الطفل المعنف، وهي يمنية الجنسية طلقها زوجها في رمضان المنصرم بعد زواج دام أحد عشر عاماً رزقت خلاله بستة أبناء وبنت، إن أولادها كلهم بلا هوية ولم يدخلوا المدرسة لأن والدهم لم يضفهم إلى دفتر العائلة.
وبخلاف قصة علي، الذي ما يزال تحت العلاج في مستشفى الملك فهد العام في جازان، فإن وسائل الإعلام قد تناولت كثيرا مآسي أطفال أبرياء عانوا في صمت من قسوة الآباء ووحشيتهم دون أن يكون لهم مهرب أو ملجأ يذهبون إليه.
وقد مات أطفال تحت تعذيب والديهم ومما يحز في النفس كثيراً ويدمي القلوب هي الأحكام المخففة التي تصدرها المحاكم في حق هؤلاء الآباء المجرمين.
وفي أثناء حديثي حول هذه الموضوعات مع مدرسة شابة قالت لي بالحرف الواحد:“إننا مثل النعام ندفن رؤوسنا في الرمال ونتظاهر بأن مجتمعنا سليم ومعافى بينما في الواقع هو ليس كذلك”.
وطالبت المدرسة بوضع قوانين صارمة لحماية الأطفال من الآباء المعتدين خاصةً مدمني المخدرات والكحول.
لقد عقدت الكثير من المؤتمرات حول ظاهرة العنف الأسري التي تفشت كثيراً في مجتمعنا غير أن توصياتها ظلت حبراً على ورق.
وأعتقد أن الوقت قد حان لنخرج هذه التوصيات، التي وضعتها نخبة متميزة من علماء الاجتماع، والأخصائيين النفسيين ورجالات التربية من أضابيرها لنقوم بتنفيذها علها تساعد في الحد من مشكلة العنف الأسري.
وطالب هؤلاء المختصون بتطبيق الأحكام العدلية الرادعة ضد الآباء الذين يعنفون أبناءهم العاجزين عن مقاومتهم أو الرد على اعتداءاتهم.
وعلى الجهات الحكومية المختصة، وعلى رأسها وزارة الشؤون الاجتماعية، أن توفر ملاذات آمنة للأطفال ضحايا العنف الأسري وتقدم لهم الرعاية المطلوبة في بيئة آمنة.
وعلى دوائر الشرطة أن تقوم بتعيين أفراد مؤهلين للتعامل مع ظاهرة العنف الأسري للحد من آثارها السالبة.
وفي مجتمعنا الذكوري حيث يتقلص دور المرأة إلى حده الأدنى فإن مسألة الحد من عنف الآباء تظل معركة بالغة التعقيد.
وحتى أقرباء هؤلاء الآباء تجدهم مترددين في التحدث إليهم لكف أذاهم عن أبنائهم.
ونحن كمجتمع علينا أن نعترف بأخطائنا لأن ذلك أول خطوة في اتجاه معالجة أمراضنا الاجتماعية خاصة حالات العنف ضد الأطفال والزوجات التي هي في تزايد مستمر.
وعلينا أيضاً أن ندرب المعلمين لاكتشاف ضحايا العنف من الطلاب الذين غالباً ما يلوذون بالصمت ويتسترون على أسرهم.
وعليهم أيضاً أن يلاحظوا أي تغير في سلوك الطلاب لمعالجته قبل استفحاله.
وعلى منظمات المجتمع المدني خاصة منظمات حقوق الإنسان أن تواصل مساعيها الحثيثة الرامية إلى حماية الأطفال والزوجات من عنف الآباء والأزواج حتى تختفي هذه الظاهرة الجديدة على مجتمعنا ذي التقاليد الإسلامية والعربية الراسخة.

خالد عبدالرحيم المعينا

Leave a comment

0.0/5